الاثنين، 24 سبتمبر 2018

الاقتصاد الأخضر طريق الأحلام للتنمية المستدامة

ظهر في السنوات القليلة الماضية مابات يعرف بالاقتصاد الأخضر كمفهوم مرادف للتنمية البشرية، إذ من خلاله يتم إعادة تشكيل وتوجيه وتصويب الأنشطة الاقتصادية المختلفة لتكون أكثر مساندة للبيئة وبالتالي دعم عملية التنمية وتنميتها بشكل مستمر.
        ان التنمية المستدامة التي تعد هدف مشروع تعمل معظم الحكومات في العالم اذ لم تكن جميعها على الوصول إليه من خلال استخدام كافة الوسائل الاقتصادية وغير الاقتصادية وتوظيفها بالشكل الذي يضمن المحافظة عليه وديمومته والانتفاع به في الوقت الذي لايضر بالأجيال القادمة، وعموما فان هذا المفهوم شهد اهتمام متفاوت من بلد لآخر حسب خصوصية كل بلد وحسب الظروف الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي يمر بها ففي الوقت الذي نجد بعض الدول الأوربية والأسيوية أعطت اهتمام كبيراً نجد بلدان أخرى أهملت هذا الجانب بشكل أدى إلى تدمير البيئة بشكل واضح كم هو الحال مع بعض البلدان الآسيوية والأفريقية ومنها بعض البلدان العربية وبعض بلدان أمريكا اللاتينية.
       هنالك ثلاث متغيرات او عوامل أساسية على ضوئها أصبحت مسألة الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر وتطبيقه بشكل حقيقي وفعال على ارض الواقع بعيدا عن التأصيل النظري مسألة لامفر منها تحتم على جميع البلدان النامية البدأ بالخطوات الحقيقية في هذا الاتجاه، وهذه العوامل من جانب آخر ممكن اعتبارها محفزات ايجابية تساعدنا في الوصول إلى الاقتصاد المذكور. ان أول هذه العوامل هي الأزمة العالمية التي حدثت في عام 2007 والتي سميت في وقتها بأزمة الرهن العقاري كونها بدأت في قطاع العقار في الولايات المتحدة الأمريكية ومن ثم انتقلت إلى بقية بلدان العالم بما فيها البلدان النامية ونتيجة للآثار التي ترتبت عليها التي لازالت تداعياتها باقية لوقتنا الحالي عدت الأزمة الأعنف منذ أزمة الكساد الكبير التي حدثت في عام 1929 إذ على ضوئها حدثت خسائر كبيرة في مستويات الدخول بشكل عام وفقدان الكثير من الوظائف وأعلنت الكثير من الشركات إفلاسها. أما السبب او العامل الثاني فهو مرتبط بشكل معين بالعامل الذي سبقه كونه يتمثل بأزمة الغذاء وارتفاع أسعاره وماترتب عليها من ارتفاع أعداد الجياع في العالم إذ في عام 2009 تجاوز المليار جائع ولاسيما في البلدان الأفريقية، وإذا ماوضعنا في حسابنا معدلات البطالة المرتفعة نتيجة الأزمة السابقة فهذا يعني ازدياد أعداد الناس التي لاتستطيع التكيف مع أسعار الغذاء المرتفعة ولاسيما في البلدان الفقيرة. أما العامل الثالث فهو يتمثل بالتغيرات المناخية الناجمة عن الاحتباس الحراري وسوء التعامل مع البيئة فدرجة حرارة الأرض ترتفع عن معدلاتها السابقة بشكل ملحوظ وثلوج القطب الشمالي تذوب بسرعة مقلقة قد تترك آثار مخيفة على مستويات مياه المحيطات والبحار وعلى الأراضي المنخفضة من اليابسة فضلا عن تأثيراتها على الكائنات الحية. هذه العوامل من شانها أن تعمل بصورة متداخلة لجذب أصحاب القرار باتجاه الاقتصاد الأخضر الذي يكون مبني على أساس تنمية اقتصادية واجتماعية وبيئية ولاسيما إذا ما أخذنا في نظر الاعتبار المخاطر العالمية المختلفة كمسألة المياه وندرتها في غير بلد من العالم ومسالة التفكير بالأمن الغذائي بدلا من الاكتفاء الغذائي ومسألة أمن الطاقة وتأثيراتها على البلدان المصدرة والمستوردة والأمن البيئي وماترتب عليه من تغيرات مناخية مختلفة وانقراض بعض الكائنات الحية أو الأقل مهددة بالانقراض.
       إن أهم خطوات السير باتجاه الاقتصاد الأخضر الذي يعد طريقا للتنمية البشرية المستدامة وليس بديلا عنها تتمثل بتحسين التدفقات التجارية من خلال التركيز على السلع والخدمات البيئية والتشجيع باتجاه رفع الدعم وإصلاح السياسات الاقتصادية وإعادة توجيه الاستثمارات العامة والعمل على إنتاج واستخدام الطاقة المتجددة بدلا من الطاقة غير المتجددة لخلق مجتمع يعيش مع نسب منخفضة من الكربون والغازات الدفينة ودعم البحث والتطوير وتشجيع الإبداع في الجانب العلمي المتخصص بدعم البيئة والمحافظة عليها ونقل التكنولوجيا وتطويعها بالشكل الذي لايضر بالبيئة كذلك تشجيع ريادة الأعمال وتطوير التعليم وإعادة التدريب للعمالة وتأهيلها للعمل بالاقتصاد الجديد والعمل على إيجاد بدائل صناعية صديقة للبيئة وإعادة تدوير الفضلات الصناعية والغذائية.

     
      ان أهم النتائج المترتبة على إتباع الأسلوب الأخضر في التنمية المستدامة يتمثل بخلق الصناعات والأنشطة المنخفضة الكربون وخلق فرص ومجالات مختلفة للنشاط الاقتصادي مما يعني فرص جديدة للعمل يترتب عليها مصادر جديدة للدخل وبالتالي تخفيض مشكلة البطالة لاسيما بين الشباب الباحث عن فرص جديدة للإبداع تلبي طموحاته كذلك تقليل الإجهاد المائي والحد من مشكلة المياه كما يترتب عليها الحد من مشكلة التصحر وتدهور خصوبة الأراضي الزراعية وتخفيف مشكلة الأمن الغذائي.                

ليست هناك تعليقات: