أ.م. د. حسن لطيف الزبيدي أ.م. د. حيدر نعمة بخيت
م. عبد الوهاب محمد جواد الموسوي
البحث منشور في: (بغداد: بيت الحكمة)، السنة (8)، العدد (21)، 2009
تعد مشكلة
البطالة Unemployment واحدة من أهم
المشكلات التي تعاني منها معظم النظم الاقتصادية المعاصرة في العالم، والتي تعمل
على إحداث نتائج سلبية على المجتمع لذا تجتهد الحكومات في خفض معدلاتها والتخفيف
من أثارها. وبهذا المعنى فهي ظاهرة عالمية
ذات آثار اقتصادية واجتماعية تعمل جميع الدول سواء متقدمة كانت أم نامية على
مواجهتها.
ويقصد بالبطالة التوقف لجزء من قوه
العمل في الاقتصاد رغم توفر القدرة والرغبة في العمل، وتقاس في العادة بمعدل يسمي
معدل البطالة، وتنتج البطالة عادة من اختلال سوق العمل لاعتبارات تتعلق بجانب
الطلب وجانب العرض. وتفرض البطالة تكاليف اقتصادية واجتماعية عندما لا ستطيع
الاقتصاد توليد قدر كافي من فرص العمل لكل من هو قادر ويرغب في العمل، فتؤدي إلى
إهدار طاقة جزء كبير من أفراد المجتمع واحتمال تفجر العنف الاجتماعي وحدوث اضطرابات
السياسية عندما يصل مداها إلى مستويات عالية.
وفي العراق فان
للبطالة جذورا عميقة، تعود إلى نهاية عقد الثمانينيات عندما انتهت حرب الثمان
سنوات، وبدأت الحكومة تواجه مشكلة في توفير فرص عمل ملائمة لحوالي مليون ممن خدموا
في تلك الحرب بعد أن حطت أوزارها، ولعل ما فاقم المشكلة هو الحصار الاقتصادي الذي
أفرز نتائج وخيمة حاقت بالاقتصاد والمجتمع والدولة على السواء، فانتشرت في ظله
البطالة والفقر وتدهورت معدلات التنمية بجميع مؤشراتها.
لم تحقق
السياسة الاقتصادية الهادفة إلى الحد من ظاهرة البطالة إلا القليل من النجاحات
والكثير من الإخفاق، فقد أدت سياسة توسيع القطاع العام واستيعاب نسبة مرتفعة من
قوة العمل، إلى ترهل هذا القطاع واستفحال ظاهرة البطالة المقنعة. كما إن رسم
السياسات وتنفيذها كان في الغالب دون تقويم جدي ومتابعة دقيقة ومراجعة لنتائجها.
إن اتجاه الدولة نحو تعزيز القطاع الخاص ومنحه محفزات ومناسبات للعمل والنمو في ظل
اقتصاد مضطرب يتزايد إلحاح المؤسسات الدولية لتحريره بحجة جدولة الديون وخفضها
تقلل من الأدوات المتاحة لمعالجة البطالة، كما إنها تفرض صعوبات حقيقية فيما يتصل
بنتائجها وآثارها على المشمولين بها.
تعتبر البطالة واحدة من أخطر المشاكل التي يواجهها العراق فعلى رغم إن
ارتفاع عدد العاطلين عن العمل يمثل هدرا في عنصر العمل البشري، فإن للبطالة نتائج
اجتماعية وسياسية واقتصادية خطيرة. إن خصوصية
ظاهرة البطالة وفرادتها تأسيسا على فرادة الوضع العراقي، تفرض على صانع القرار
الاقتصادي إيجاد حلول استثنائية للتعامل مع الظاهرة، لأنها تتعلق بالواقع الاقتصادي
والسياسي والأمني في البلد، فضلا عن تعلقها، كظاهرة اقتصادية- اجتماعية، بالبنى
الاقتصادية الاجتماعية السائدة، وهيكل الاقتصاد وأهمية القطاعات وأنماط التعليم
والتدريب والفنون التكنولوجية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق