تعد
مشكلة التصحر Desertification من المشاكل الرئيسة
التي لها آثار مباشرة وغير مباشرة على العديد من المشاكل لعل أبرزها الانحسار
التدريجي للأراضي الصالحة للزراعة خصوصا وان هذه المشكلة مرشحة للاستمرار نتيجة
الثبات النسبي (وان كان متناقص في السنوات الأخيرة نتيجة المشاكل مع دول الجوار
المتشاطئة) لعرض المياه السنوي في الوقت الذي فيه الطلب على المياه في ازدياد
مستمر نتيجة زيادة حجم السكان وتطور مستويات المعيشة، وبالتالي فانه يترتب على نقص
كميات المياه المخصصة للقطاع الزراعي ترك نسبة مهمة من الأراضي الزراعية الصالحة
للزراعة بورا ومن ثم تحولها إلى ارض صحراوية قاحلة بمرور الزمن.
تعد دراسة
التصحر جديدة نسبياً إذ ظهر أول نص علمي يحمل هذه التسمية قبل أكثر من نصف قرن، بينما
كانت أول خريطة للتصحر قد خُطت من قبل الهيئات التابعة الى الأمم المتحدة وذلك في
عام 1977 حيث تزامن ذلك مع انعقاد مؤتمر التصحر التابع للأمم المتحدة في
نيروبي في كينيا. والتصحر كلمة
مشتقة من الصحراء وهو يعني تعرض الأرض للتدهور في المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة شبه الرطبة، مما
يؤدي إلى فقدان الحياة النباتية والتنوع الحيوي biodiversity بها. وكذلك هو انخفاض أو تدهور قدرة الإنتاج البيولوجي مما يؤدي في النهاية الى خلق أوضاع
صحراوية او شبه صحراوية.
يقسم التصحر إلى أربعة أنواع هي التصحر الشديد جدا والمتمثل
بذلك النوع من التصحر الذي يحول الأرض إلى وضعية غير منتجة نهائيا اقرب ماتكون الى
الصحراء منه الى الأراضي الزراعية، والنوع الثاني هو التصحر الشديد الذي ينجم عنه
انتشار نباتات غير مرغوب بها وانخفاض إنتاجية الأرض بحدود 50 في المائة. والنوع
الثالث من أنواع التصحر هو التصحر المعتدل الذي ينجم عنه انخفاض إنتاجية الأرض
بحدود 25 في المائة كما هو الحال في التصحر الذي حصل في مصر. أما النوع الرابع فهو
التصحر الطفيف ويتمثل بحدوث تأثر طفيف ومحدود جدا في الغطاء النباتي والتربة كما
هو الحال مع بعض مساحات أراضي الجزيرة العربية وكذلك مساحات أخرى في الصحراء
الكبرى.
وفي كل سنة
يفقد العالم مابين50 إلى 691 ألف كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية نتيجة لعملية
التصحر، و بصفة عامة فان حوالي ثلث أراضي الكرة الأرضية معرضة للتصحر. وفي أكثر من
مائة دولة في العالم يتأثر ما يقارب المليار نسمة من إجمالي سكان العالم البالغ
عددهم حوالي 7 مليار نسمة بعملية تصحر أراضيهم ولاسيما في البلدان الأفريقية، مما
يرغمهم على ترك أراضيهم الزراعية والهجرة إلى المدن من أجل الحصول على فرصة عمل كما
هو الحال في العديد من محافظات العراق اذ اتجه المزارعين نحو القطاعات العسكرية ناهيك
عن القطاعات الاقتصادية الأخرى . والتصحر يخلق جوًّا ملائمًا لتكثيف حرائق الغابات
وإثارة الرياح، مما يزيد من الضغوط الواقعة على أكثر موارد الأرض أهمية ألا وهو
الماء، وحسب تقرير الصندوق العالمي للطبيعة World Wide Fund for Nature فان الأرض فقدت حوالي 30 في المائة من مواردها
الطبيعية ما بين عامي 1970 و 1995. وللتأثيرات البالغة التي تنجم عن مشكلة التصحر
في عموم دول العالم فقد عد يوم 17 تموز من كل عام يوم الاحتفال العالمي لمواجهة
مشكلة التصحر والجفاف.
وقد عانى العراق من مشكلة التصحر بشكل واضح اذ ان مساحة
كبيرة من أراضيه تبلغ 166.687 كيلوا متر مربع قد تصحرت وهي تشكل أكثر من 38 في
المائة من المساحة الكلية للبلد. والمشكلة الأكبر هنا هو احتمالية تعرض لمشكلة
التصحر مساحة قدرها 237.365 كيلوا متر مربع وهي تشكل أكثر من 54 في المائة من
المساحة الكلية للبلد.
ومما يفاقم من هذه المشكلة هو تذبذب كمية
الأمطار الساقطة على عموم محافظات البلد وانخفاضها في السنوات الأخيرة بشكل كبير
عن معدلاتها المعروفة لمواسم عديدة وبالتالي نقص كمية الأمطار الهاطلة عن متوسط
معدلها السنوي البالغ 99.9 مليار متر مكعب سنوياً. وعلى الرغم من ان الجفاف كظاهرة
بحد ذاتها ليست بالظاهرة الجديدة فقد اخبرنا القران الكريم قصة السنين السبع
العجاف التي شهدتها مصر في عهد النبي يوسف (عليه السلام)، الا ان الجديد فيها هو الآثار
الضارة المترتبة على الجفاف إذ ان قلة التساقطات المطرية تؤدي إلى التصحر نتيجة لزحف
الرمال مما يتسبب في شحة المياه وتدهور البيئة وتناقص الإنتاج الزراعي والحيواني
ونزوح السكان من المناطق المتضررة إلى المدن ويتسبب في انتشار الأمراض والأوبئة
المختلفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق