الفساد الإداري في العراق
رغم تعدد المفاهيم التي توضح الفساد إلا ان مجملها لا يتعدى المفهوم الذي ورد في موسوعة العلوم الاجتماعية للفساد وهو (سوء استخدام النفوذ العام لتحقيق أرباح خاصة) وهذا المفهوم يتضمن جميع أنواع رشاوى المسئولين السياسيين وغير السياسيين ومنتسبي القطاع الحكومي Republic Sector مع استبعاد الرشاوى التي تحدث فيما بين القطاع الخاص. ويقسم الفساد الإداري بصورة عامة إلى نوعين الأول يسمى بالفساد الأكبر الذي يشارك فيه مسئولون على مستويات رفيعة كالوزراء ورؤساء الوزراء ورؤساء الدول والرشوة المترتبة عليه تعد من اخطر أنواع الرشاوى إذ ان البلد الذي يصل به الأمر إلى هذه الحالة يسقط في فخ الحلقة المفرغة التي ليس من السهل كسر طوقها والخروج منها ، كما حدث في دول أوربا الشرقية في عقد التسعينيات من القرن المنصرم عندما تحولت من اقتصاد التخطيط المركزي إلى اقتصاد السوق. أما النوع الثاني من الفساد فيسمى بالفساد المحدود الذي يتضمن جميع أنواع الرشاوى التي تتداول مابين المستويات الدنيا كوكلاء الوزارات والمدراء العامون وصغار الموظفين في المؤسسات الحكومية المختلفة. وإذ كان هذا النوع من الفساد الإداري ينجم عن الرغبة في التعجيل بإنهاء بعض الإجراءات الروتينية أو عدم إنهاء هذه الإجراءات الروتينية على الإطلاق او يكون نتيجة للحاجة المادية الملحة أو لضعف الأجهزة الرقابية في ظل الأوقات الاستثنائية كالحروب والانقلابات العسكرية والانفلات الأمني كما هو الحال في العراق ، الا ان آثاره على الاقتصاد الوطني اقل وطأة من الآثار التي تنجم عن النوع الأول من الفساد كون الفساد الأكبر مرتبط بصانعي القرار السياسي والاقتصادي والأمني ، فقد يكون السبب في تدمير دول برمتها .
وقد يخضع الفساد الإداري إلى تقسيم آخر وهو على نوعين أيضا الأول هو الفساد العرضي او العابر الذي يحدث نتيجة إلى حالة طارئة وينتهي بانتهاء هذه الحالة. والثاني هو الفساد الإداري المنظم الذي لا يرتبط بحالة معينة بقدر ارتباطه بعمليات منظمة ومنسقة بصورة يصعب معالجتها.
وبالنسبة للفساد الإداري في العراق فهو ليس وليد اليوم بقدر من كونه ناتج عن افرازات المراحل السابقة ، فمنذ عام 1958 اتسم العراق بسيادة جو ملبد بالانقلابات العسكرية وتعدد الحكومات الانقلابية التي تناوبت على الإمساك بزمام السلطة والتي تمخض عنها بروز مشاكل اقتصادية واجتماعية مختلفة ومن بين تلك المشاكل مشكلة الفساد الإداري، إلا ان هذه المشكلة لم تظهر إلى الوجود بشكل واضح الا بعد اجتياح العراق لدولة الكويت في آب من عام 1990 وفرض حصار اقتصادي طاحن من قبل المجتمع الدولي اثر على مختلف مستويات المعيشة ومن بينها منتسبي القطاع الحكومي حيث كان دخل الموظف من الدرجة الثالثة لا يتجاوز الـ 5 دولار شهريا ولم تزداد دخول الموظفين بصورة موازية لنمو معدلات التضخم التي أخذت شكلا فلكيا وتدهور قيمة الدينار العراقي بشكل كبير نتيجة لجوء الدولة إلى تمويل انفاقها عبر التمويل بالعجز (الإصدار النقدي الجديد) اذ وصل عرض النقد بالمعنى الضيق M1 في عام 1995 (540000) مليون دينار حسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء بعد ان كان في بداية فرض الحصار (15359.3) مليون دينار وذلك في عام 1990 ، إلا إن هناك بالمقابل أراء غير رسمية قدرت الكتلة النقدية في القطر عام 1996 بحوالي (5) ترليون دينار !. اذ من الطبيعي أن تكون الحاجة الماسة سبب رئيسي ومهم من أسباب نشوء وتطور الفساد الإداري. ورغم توصل العراق إلى اتفاق النفط مقابل الغذاء مع الأمم المتحدة في عام 1996 إلا ان هذا الاتفاق لم يساهم بصورة كبيرة في تحسين الوضع المعاشي لمنتسبي القطاع الحكومي. وبعد 9 نيسان من عام 2003 ورغم الانفراج الكبير الذي طرا على منتسبي المؤسسات الحكومية والمتمثلة بتحسين مرتباتهم بشكل كبير نسبيا إذا ما قورنت بالفترة السابقة الا ان الفساد الإداري بدلا من ان ينخفض أصبح اشد وطئة من الوقت السابق اذ أصبح العراق يعاني من كلا النوعين، فنتيجة الظروف التي يمر بها البلد كعدم وجود حكومة دائمة تأخذ على عاتقها القيام ببرنامج عمل متكامل وتدهور الوضع الأمني وضعف الأجهزة الرقابية وقيام الأحزاب بإعطاء المناصب المهمة على أساس الولاء الحزبي والمحسوبية لا على أساس الولاء للوطن اوعلى ضوء الكفاءة والنزاهة.
وطبقا للأرقام القياسية الصادرة عن منظمة الشفافية الدولية لعام 2004 فان العراق يأتي بالمرتبة 129 من حيث درجة الشفافية اذ بلغ المؤشر المتكون من عشر درجات 2.1 درجة وكلما اقترب المؤشر من العشرة كلما دل ذلك على شفافية تلك الدولة. وتأتي فنلندا بمقدمة دول العالم من حيث درجة الشفافية اذ بلغ المؤشر فيها 9.7 درجة ثم تأتي بعدها كل من نيوزلندا والدانمارك اذ بلغ المؤشر فيهما 9.6 , 9.5 درجة على التوالي أما كل من بنغلاديش وهاييتي فقد جاءتا بالمرتبة الأخيرة (145) بعد ان بلغ المؤشر 1.5 درجة في كل منهما. إما الآن فبلا شك ان العراق أصبح في وضع أسوء من العام السابق (عام 2004) من حيث بلوغ الفساد الإداري مستويات خيالية اذ انه استشرى في كل مؤسسات الدولة بلا استثناء وعلى مختلف المستويات.
وقد يخضع الفساد الإداري إلى تقسيم آخر وهو على نوعين أيضا الأول هو الفساد العرضي او العابر الذي يحدث نتيجة إلى حالة طارئة وينتهي بانتهاء هذه الحالة. والثاني هو الفساد الإداري المنظم الذي لا يرتبط بحالة معينة بقدر ارتباطه بعمليات منظمة ومنسقة بصورة يصعب معالجتها.
وبالنسبة للفساد الإداري في العراق فهو ليس وليد اليوم بقدر من كونه ناتج عن افرازات المراحل السابقة ، فمنذ عام 1958 اتسم العراق بسيادة جو ملبد بالانقلابات العسكرية وتعدد الحكومات الانقلابية التي تناوبت على الإمساك بزمام السلطة والتي تمخض عنها بروز مشاكل اقتصادية واجتماعية مختلفة ومن بين تلك المشاكل مشكلة الفساد الإداري، إلا ان هذه المشكلة لم تظهر إلى الوجود بشكل واضح الا بعد اجتياح العراق لدولة الكويت في آب من عام 1990 وفرض حصار اقتصادي طاحن من قبل المجتمع الدولي اثر على مختلف مستويات المعيشة ومن بينها منتسبي القطاع الحكومي حيث كان دخل الموظف من الدرجة الثالثة لا يتجاوز الـ 5 دولار شهريا ولم تزداد دخول الموظفين بصورة موازية لنمو معدلات التضخم التي أخذت شكلا فلكيا وتدهور قيمة الدينار العراقي بشكل كبير نتيجة لجوء الدولة إلى تمويل انفاقها عبر التمويل بالعجز (الإصدار النقدي الجديد) اذ وصل عرض النقد بالمعنى الضيق M1 في عام 1995 (540000) مليون دينار حسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء بعد ان كان في بداية فرض الحصار (15359.3) مليون دينار وذلك في عام 1990 ، إلا إن هناك بالمقابل أراء غير رسمية قدرت الكتلة النقدية في القطر عام 1996 بحوالي (5) ترليون دينار !. اذ من الطبيعي أن تكون الحاجة الماسة سبب رئيسي ومهم من أسباب نشوء وتطور الفساد الإداري. ورغم توصل العراق إلى اتفاق النفط مقابل الغذاء مع الأمم المتحدة في عام 1996 إلا ان هذا الاتفاق لم يساهم بصورة كبيرة في تحسين الوضع المعاشي لمنتسبي القطاع الحكومي. وبعد 9 نيسان من عام 2003 ورغم الانفراج الكبير الذي طرا على منتسبي المؤسسات الحكومية والمتمثلة بتحسين مرتباتهم بشكل كبير نسبيا إذا ما قورنت بالفترة السابقة الا ان الفساد الإداري بدلا من ان ينخفض أصبح اشد وطئة من الوقت السابق اذ أصبح العراق يعاني من كلا النوعين، فنتيجة الظروف التي يمر بها البلد كعدم وجود حكومة دائمة تأخذ على عاتقها القيام ببرنامج عمل متكامل وتدهور الوضع الأمني وضعف الأجهزة الرقابية وقيام الأحزاب بإعطاء المناصب المهمة على أساس الولاء الحزبي والمحسوبية لا على أساس الولاء للوطن اوعلى ضوء الكفاءة والنزاهة.
وطبقا للأرقام القياسية الصادرة عن منظمة الشفافية الدولية لعام 2004 فان العراق يأتي بالمرتبة 129 من حيث درجة الشفافية اذ بلغ المؤشر المتكون من عشر درجات 2.1 درجة وكلما اقترب المؤشر من العشرة كلما دل ذلك على شفافية تلك الدولة. وتأتي فنلندا بمقدمة دول العالم من حيث درجة الشفافية اذ بلغ المؤشر فيها 9.7 درجة ثم تأتي بعدها كل من نيوزلندا والدانمارك اذ بلغ المؤشر فيهما 9.6 , 9.5 درجة على التوالي أما كل من بنغلاديش وهاييتي فقد جاءتا بالمرتبة الأخيرة (145) بعد ان بلغ المؤشر 1.5 درجة في كل منهما. إما الآن فبلا شك ان العراق أصبح في وضع أسوء من العام السابق (عام 2004) من حيث بلوغ الفساد الإداري مستويات خيالية اذ انه استشرى في كل مؤسسات الدولة بلا استثناء وعلى مختلف المستويات.
هناك تعليق واحد:
الفساد استفحل سابقا والان اقل
إرسال تعليق